“ميليشيات الرجمة”… سيف الإسلام يغازل طرابلس بالهجوم على حفتر؟

لاحت بوادر مواجهة محتملة بين أنصار سيف الإسلام القذافي، نجل الزعيم الليبي السابق معمّر القذافي، و”الجيش الوطني” ومؤيّديه، ما عُدّ إرهاصات لانطلاق المعركة الانتخابية في شرق ليبيا، رغم حال الانسداد السياسي التي تعانيها البلاد، وضيق أفق الحل.
ويطرح سيف الإسلام نفسه منافساً على المقعد الرئاسي، رغم القيود التي يتعرّض لها، وفي حال حصوله على بطاقة الترشّح في الانتخابات المعطّلة حتى الآن، يُرجّح أن يكون نجل القذافي المنافس الأبرز لقائد “الجيش الوطني” خليفة حفتر، حال ترشّحه هو الآخر، على قاعدة جماهيرية تتشكّل من مؤيّدي النظام السابق، وقبائل شرق ليبيا وجنوبها، بالإضافة إلى القطاعات المتطّلعة إلى عودة ليبيا إلى عهد الأمن والاستقرار.
“ميليشيات الرجمة”
وفي بيان غير مسبوق، شنّ الفريق السياسي لسيف الإسلام القذافي هجوماً عنيفاً على “الجيش الوطني”، واصفاً إياه بـ”ميليشيات الرجمة”، في إشارة إلى مقرّ القيادة العامة بزعامة حفتر. ووجّه البيان الذي حمل توقيع رئيس الفريق عبدالله عثمان، اتهامات عدّة إلى الجيش منها “اعتقالات تعسفية لقيادات حزب “معاً من أجل الوطن”، والنشطاء السياسيين من أعضاء هيئة التدريس، والإعلاميين والصحافيين وشيوخ القبائل وأعيانها، ووصل بهم الأمر إلى التضييق على عائلاتهم وأطفالهم ومنعهم من السفر، والتنقّل بحرّية”، مشيراً إلى أنّ آخر هذه “الممارسات التعسفية منع أعضاء الفريق المكلّف بالمشاركة في اجتماع المصالحة الوطنية”، الذي عُقد في جمهورية الكونغو، برعاية الاتحاد الأفريقي.
وكان البيان التحضيري لاجتماع الكونغو، الذي حضره نائب رئيس المجلس الرئاسي عبدالله اللافي، شدّد على “مشاركة كل الليبيين من دون تهميش أو إقصاء”، فيما اعتبر رئيس الكونغو دينيس ساسو نغيسو في كلمته أنّ “المصالحة الوطنية الشاملة شرط أساسي لتنظيم انتخابات ذات صدقية في ليبيا، تقبل نتائجها جميع الأطراف”.

وأوضح بيان فريق القذافي الابن، أنّ “مثل هذه الأعمال بدأت بحصار المحكمة ومنعها من الانعقاد بترهيب رجال القضاء ومنعهم من إصدار أحكامهم بحرّية واستقلالية في سبها، في 29 تشرين الثاني (نوفمبر) العام 2021″، في إشارة إلى الدعاوى القضائية التي كان رفعها سيف الإسلام للحصول على تصريح قضائي يسمح له بخوض الانتخابات الرئاسية التي كانت مقرّره في تشرين الأول (ديسمبر) العام 2021، قبل تأجيلها.
“بلطجة وتهديد”
كما اتهم البيان “الوطني الليبي” بـ”تعطيل العملية السياسية التي اختارها الليبيون كحلّ لما يعانونه، وأيّدها مجلس الأمن والمجتمع الدولي للوصول إلى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المتزامنة قبل نهاية العام الجاري”. ودان ما وصفه بـ”ممارسات البلطجة والتهديد والترهيب، التي تُمارس على رئيس مجلس النواب (عقيلة صالح) ونواب المجلس، وتحريض بعض النواب للتشويش على الجلسات ومنع رئيس مجلس النواب من ترؤس الجلسة الأخيرة، وتهديد سلامته الشخصية ومنعه من الوجود في بنغازي، خدمة لتوجّههم في تعطيل مسار الانتخابات”.
ولفت البيان إلى أنّ “مثل هذه الممارسات لا نراها اليوم في المنطقة الغربية، فالفريق السياسي، وجميع الأحزاب والفاعليات تعمل بكل راحة وحرّية ومن دون تهديد أو ترهيب أو تضييق”، في ما بدا مغازلة من نجل القذافي وفريقه، للمتحكّمين في الغرب الليبي، ما طرح تساؤلات عن إمكان إبرام تحالفات بين الخصوم السياسيين.

في المقابل، رفض مصدر عسكري في “الوطني الليبي” اتهامات الفريق السياسي التابع لسيف الاسلام. وشدّد لـ”النهار العربي” على أنّ قوات الجيش “لا تعمل لمصلحة فريق، ولا تعادي فريقاً آخر”، داعياً إلى “إبعاد المؤسسة العسكرية عن الصراع السياسي الدائر في البلاد”.
“صراع سياسي”
المحلّل السياسي الليبي عبد العزيز غنية والمقرّب من القذافي، اعتبر انّ شكوى سيف الإسلام “تأتي في إطار الصراع السياسي على رئاسة ليبيا”. وسعى إلى التخفيف من حدّة الخلاف بين الطرفين، ورأى أنّ “هذا الخلاف ليس عميقاً، وأنصار القذافي يقدّرون دور حفتر في المؤسسة العسكرية، الأمر ينحصر في بعض الإشكاليات والتصرّفات التي تحتاج إلى حل”. وأضاف غنية لـ”النهار العربي”: “من المعروف أنّ المنطقة الشرقية كانت متسامحة منذ اليوم الأول مع أنصار القذافي، مقارنةً بالمنطقة الغربية، وهذا الوئام مستمر حتى اليوم”، لكنه أشار إلى أنّه “بالفعل هناك بعض الأكاديميين والنشطاء من أنصار سيف الإسلام تمّ توقيفهم في مدينة سرت (جنوب ليبيا)، وندعو إلى الإسراع في خروج نتائج التحقيقات إلى النور، وإذا كان الاستهداف سياسياً فهذا أمر غير محمود يحتاج إلى معالجته وإطلاق سراحهم”، كما طالب بجلوس كل الأطراف ومن دون إقصاء إلى طاولة حوار لحل المشاكل التي تعانيها البلاد.
أما الناشط السياسي أحمد التهامي فلفت إلى “مصالح مختلفة بين الطرفين اللذين ينتميان إلى القاعدة الشعبية نفسها، لكن هذه الحاضنة لم يتمّ اختبارها من حيث التصويت حتى يتمّ تحديد شعبية الطرفين”.
رسالة إلى الطرف الآخر؟
ورجّح التهامي أن يكون الغرض من بيان سيف الإسلام “رسالة سياسية إلى الطرف الآخر، بمدّ اليد للتفاوض والوصول إلى تفاهمات”، في إشارة إلى المتحكّمين في الغرب الليبي.
وقال لـ”النهار العربي”: “هذا البيان هو مناورة سياسية وعربون للطرف الآخر الذي لن يسمعك إلاّ قبل أن تهاجم القيادة العامة للوطني الليبي”، لكنه لفت إلى أنّ الهجوم على “الوطني الليبي”، ووصفه بـ”الميليشيات”، قد يؤدي إلى خسارة سيف الإسلام بعض جمهوره. وأضاف: “الشرق الليبي هو من رفض قرارات عزل أنصار النظام السابق، وفتح لهم الباب للعودة والعمل، وبالتالي البيان الأخير له أهداف سياسية واضحة”.